سماعة هاتف

2010/06/11

لم يترك إثم إلا وارتكبه
وذات ليله قرر أن يترك كل شيء وراءه ويبدأ صفحه جديدة
وأولى خطواته كانت الزواج ,أول الاشهر كانت من أسعد الأيام في حياته
لكن سرعان ما عاد إلى الحياة الروتينية بين الزوجين
فهو يقضي أكثر من 8 ساعات في عمله وهي حبيسة المنزل في انتظاره
وأحياناً تمر عليها شهور وهي لم تخرج منه ولم يدعوها لنزهه بالخارج
و لم تسمع منه أحبك لو على سبيل المجاملة
رغم هذا فهي راضيه ولم تجادله حتى
وهو لم ينتبه لهذه الأشياء البسيطة
لكنه انتبه أنها دائمة التحدث بالهاتف
فكل ما دخل عليها البيت وجدها ممسكه بسماعة الهاتف
بالبداية لم يكن يجادلها , بعدها نصحها بتخفيف الاتصال فالميزانية قد تتأثر بفاتورة
الهاتف
وكانت تفعل ما يريد , لتعمل بوصية والدتها في طاعة زوجها
بعدها بمده خطرت له فكرة أن يتصل بها من هاتف عمله , ليس لسؤال عن حالها
لكن ليتأكد هل ما زالت تتحدث في الهاتف, وسرعان ما راودته فكره أن يغير صوته ليرى ردة فعلها
فنفذها وكانت ردة فعلها بإغلاق سماعة الهاتف والدعاء له بالهدايه

ذات ليله قصد أن يدخل المنزل بدون أن تشعر به
دخل عليها الغرفة وهي غافله وممسكه بسماعة الهاتف
نزعها من يدها وقربها من اذنه, كان الصوت لأنثى
لم يميز هل هو صوت والدتها أم شقيقتها أم صديقتها حتى ,المهم انه صوت أنثى
أعطاها سماعة الهاتف وهي تنظر له بنظرات غير مستوعبه دخوله, أخذه السماعة, وما مقصده حتى
ارتمى بجسده على السرير و واخذ نفس عميق , وزفر زفره محاول أن يبعد بها
كل أصوات النساء الآتي كان يحدثهن ويخرج معهن
هي أنهت المكالمة بسرعة وذهب لتحضير وجبة العشاء له, وكل ما يدور في خلدها لم فعل هذا وما قصده ؟!


17-07-2009


السرير رقم 18

2010/06/05

في المستشفى .. في العناية المركزة .. على السرير رقم 18 بالتحديد ..
حيث يقبع جسدي المنهك
الموصل بأجهزة قياس دقات القلب والضغط
وأنبوب الأكسجين الممتد عبر حلقي
ليساعدني على التنفس والاستمرار بهذه الحياة
لا أدري كيف وصلت إلى هنا
لكن أتذكر بعد معانة طويلة ليلة البارحة مع مرضي المزمن في رأسي
فقد بدأ بالازدياد هذه المره … والنوبات بدأت تزداد حده
دوار و صداع قوي .. شعرت أن رأسي سينفجر إلى أشلاء
لم أستطيع التنفس …
حاولت أن أنهض من السرير لكن الألم كان أقوى مني
وكان يتفنن في غرس الأوجاع بجسدي
شعرت برجفة تغشى جسمي
حاولت أن أنادي أخي في الغرفة الملاصقة لغرفتي
فهو من محبي السهر بعكس والدي ووالدتي اللذان يناما و يستيقظا مبكرا
لكن انخفاض صوتي الواهن و علو صوت المكيفات
كفيل بأن يمنعه من سماعي
حاولت بكل ما أوتيت من قوه أن أنهض لأصل إلى مقبض الباب
لكني تهاويت في منتصف غرفتي
لأستفيق في المستشفى

أكره المستشفيات … وأكره راحة المطهرات الفواحة من ممراتها
أكره الأدوية ..
اكره الأطباء ..
اكره الممرضات …
حتى اللون الأبيض .. اكرهه

أشعر بضعف شديد ..
وأشعر أن الألم بجسدي أكبر بكثير من أن أبكي من أجله

… وقت الزيارة الساعة الرابعة عصراً …

والدي.. والدتي ..وأخي خالد ..
عندما رأيتهم بكيت ..
برغم كل الآلام الممتدة بجسدي .. فهي لم تبكيني
لكن بكيت لأنهم أمامي وأشعر بدنو أجلي وأنا لا أستطيع مخاطبهم
و لا أستطيع أن أضمهم لصدري و أنطق لهم بمقدار الحب الساكن بقلبي تجاههم
وأني سأضل أذكرهم حتى عند انتقالي لحياه اخرى
مؤلم أن لا أقدر حتى على مخاطبتهم لآخر مره في حياتي
ليتهم ينزعون جهاز الأكسجين عني لدقائق لأحاول أن أنطق
و أستحلفهم بالله أن لا يطيلوا الحزن علي ..
فحزنهم يزيد حزني حزن .. و يزيد همي هم
فكل ما أريد منهم هو أن يسعدوا بحياتهم .. هذا هو عزائي
حينما رأى والدي دموعي قال : ( استح .. رجال وتبكي .. ترى ما فيك إلا العافية )
أي ( عافيه ) يا أبي ..
أشعر أني أتمزق …
أشعر أن ساعة احتضاري قد اقتربت لا محالة
فالوجع هذه المرة أكبر من أي وجع سبق و أن تصارعت معه
أدعو من الله أن لا تشعر بما أشعر به ما حييت
حاولت أن اكبح موجة الدموع والحزن .. حاولت من أجلهم فقط
أمي كانت قويه على غير العادة ..
قبلت وجنتي و يدي .. وكانت تبتسم
ذكرتني بأيام جلسات العلاج الكيميائي وكيف تغلبت على تلك الفترة
و أن هذه المرة أيضا ستمر و ستصبح ذكرى ..( أزمة وتعدي )
خالد لم ينطق بشيء .. تمنيت لو أني سمعت صوته
أقلها إن لم أستطع محادثته .. تهدى روحي لسماع صوته
والدي والدتي يتحدثون عن أمور كثيرة مبهجه
محاولين أن يرسموا الابتسامة على شفتي
إلى أن قاطعهم حارس الأمن :
( لو سمحتم الزيارة انتهت.. و ترا ممنوع دخول أكثر من اثنين على مريض العناية المركزة )

لا حول لي ولا قوة كي أمنعهم من الرحيل .. ليتهم يبقون بقربي هذا اليوم وحسب
لأن بعض الموتى يشعرون بدنو أجلهم قبل حلوله.. أشعر أنه قريب مني .. قريب جداً
لا أريد أن أموت وانا وحيد و في بقعه أكرها جداً جداً
وتزيد رعبي أكثر

… الساعة السابعة تماماً من نفس اليوم …

برودة تلف جسدي …
أشعر برجفة .. دوار .. صداع قوي .. أقوى من المعتاد
لا أستطيع أن أتحمل أكثر ..تعبت …
تعبت من العمليات في رأسي
تعبت من جلسات العلاج الكيميائي
تعبت من الادويه
تعبت من الألم
تعبت من كل شيء
أسمع صراخ الممرضات لاستدعاء الطبيب
بدأت أتهاوى في عمق المجهول
لم أقاوم …
فقط استسلمت …
وتركت الموت يكمل طقوسه كيفما يشاء

/

14 – 07 – 2009